العرب 24 مدير
عدد المساهمات : 856 تاريخ التسجيل : 16/01/2012
| موضوع: الاختِلاف بينَ النبذ والتميُزِ الخميس يونيو 01, 2017 1:16 pm | |
| السّلام عليكم ورحمة الله يحدثُ أن ترَى نفسكَ تفقد زمام الأمور وأنت واقفٌ , لا بيديكَ أن تمد يد المُساعدةِ ولا قلبكُ يُطاوعكَ فلتزمَ الصمتَ وتتركَ نفسكَ تُخرجُ نفسَها من المأزق الذِي دخلته , كما الشعرة من العجِين .يحدثُ أن تتخلى عن اعتكافكَ في عالمكَ الخاص الدائِر حولكَ وحولَ قراءاتكَ وكُتبكَ المُبعثرة وأفكاركَ المُشتتة, وتُحاوِل أن تكُون كائِنًا آخر مِن قبيل الذِي يُروِجون لهِ في الأخبار ويُسمُونه "المُواطِن الصالح"أو بصيغةٍ أخرى "الناسُ العادِيون".يحدثُ أن تُمسكَ الرِيموت كنترول , وتقفزَ من قناةٍ إلى أخرَى كأرنبٍ برِي, وتقُول لنفسكَ هيا لأشاهد بعض الأخبارِ , "حجة وزِيارة" , فهذا ما يفعلهُ الآخرون . يحدثُ أن يُتخمَك التلفاز حتى أنك تشعر بالدُوارِ وبرغبةٍ قاتلةٍ في التقيأ , فالأخبارُ تحولت إلى مسابقةٍ ألوانٍ مجنونةٍ طغى عليها اللون الأحمر , تقُول : سأفعل شيئا آخر يفعله الناس العادِيون , إنهم يتجولون على شاطىء البحرِ زرافاتٍ وأحادى , وتمضِي أنتَ أيضًا لوحدكَ , لا يُرافقكَ سِوى ظِلكَ .أول ما يشُدك إلى اللوحة التِي صرتَ جزءًا مِنها هو وُجوه الناسِ العابرين , بُرودُها وابتساماتهم التِي تُحاوِل أن تُنكِر ذلكَ .تسأل نفسكَ بينكَ وبينكَ , أ تُراكَ مثلهم ؟ يجيبكَ الصوتُ من الطرفِ الآخر , لا حاجةَ لأن تعرف ماذا قال, يكفِي أنه لديكَ صوتًا مِن الطرفِ الآخر يُؤنسكَ بهذه الحِدة, لتدركَ أنكَ لستَ مثلهم , وأن وجهكَ وإن تشاركَ مع وجوههم في ملامِحه ومكوِناته , فإن هذا لا يعنِي أنكَ مِنهم .أنتَ كائنٌ غير قابلٍ للتدجين , ومهما حاولتَ , فإنكَ ستصل إلى تلك النقطة التِي تدرك فيها أنك لن تكون مثلهم أبدًا , وأنكَ زهرةٌ برية , لم تُخلق لتوضع في مزهريةٍ , بل لتمرحَ بين الحُقول, يُداعِبها النسيم تارةً ويصفعُها الوابل تارةً أخرى .أنتَ لست "كلبَ كانيش" , يُمكنكَ استئمانُ نفسكَ بينَ ظهرانيه , أنتَ "هاسكِي جلِيدي" ضخم , لا يُغرِي مظهركَ الوسِيم من يقتربُ منكَ , لأنكَ ملتهمٌ إياه .أنتَ فريدٌ مِن نوعكَ , وتُشبه حوريةً بحريةً تنادِي بدلالٍ وتغنجٍ , كي يسقط البحارة الأغرار في فخِها وتسحب مِنهم شبابهم لتظلٍ هِي نظرةً إلى الأبد .أنتَ النُسخة الوحيدة الموجودة منكَ , أنتَ الأصلِي ,أنتَ العلامةُ الفارقة .أنتَ لستَ إطارًا مرسومًا وفقَ ما يشتهون . أنتَ أبهَى تجلِي للإبداع .أنتَ لستَ مثلهم , فلماذا تُحاوِل أن تكون مِثلهم ؟ لِماذا لا تقبلُ حقيقة أنك مختلفٌ ؟ ولِماذا تسحبُ نفسكَ عُنوةً نحو شخصيةٍ لن تكُونها البَتة ؟ولِما تسمحُ لهم بأن يجعلوكَ مِثلهم ؟أ لأن المجتمعَ الذي تحيَى فيه يجعلُ مهمة كونكَ مختلفًا , مهمةً مُستحِيلةً وينبذكَ كالمجدوب؟لماذا لا تبقَى الرقمَ الصعب في مُعادلتهم ؟ لِماذا عليكَ أن تتغيرَ لأجلِهم ؟ ولِماذا عليكَ أن تتقبلهم هُم بينما هُم لا يتقبلُونكَ ؟ | |
|