د. عامر بن محمد الحسيني
أطلق ولي ولي العهد «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» لتكون خريطة طريق ترسم مستقبل المملكة في القرن الـ 21. بلد قادر على توليد الفرص الناجحة من واقع مملوء بالمكتسبات ويتكئ على خبرات تاريخية ممتدة. بلد لا ينفصل عن محيطة العربي والإسلامي بل يتخذ منهما منطلقات تعزز من فرص النجاح. وعلى الصعيد الداخلي تنطلق «الرؤية» من مقدرات اقتصادية وبشرية هائلة، تنتظر إشارة البدء حتى تنطلق في بناء الهوية المستدامة والقادمة لجيل ومستقبل يعزز المكانة وينمي المكتسبات.
أحد أهم بنود هذه الرؤية هو اعتمادها على الاستثمار بلغة اقتصادية تهدف لتحقيق الاستدامة التنموية الشاملة، وتحقيق الانتفاع بمقدرات ومكتسبات المرحلة للمحافظة على استحقاقات الأجيال المقبلة وتحقيق النماء للجيل الحالي.
ذكر الأمير في مقدمة الرؤية: "كما أن بلادنا تمتلك قدرات استثمارية ضخمة، وسنسعى إلى أن تكون محركا لاقتصادنا وموردا إضافيا لبلادنا وهذا هو عامل نجاحنا..".
لغة الاستثمار التي وردت في طيات «الرؤية» لم تقتصر على جانب الاستثمار المالي والاقتصادي فقط، بل ركزت على استثمار الطاقات البشرية الوطنية، والاستثمار في طاقات ومواهب المقيمين والشركات المحلية والأجنبية من أجل تحقيق تنمية في مجالات متعددة.
في الجانب الاقتصادي ركزت الاستثمارات على تعزيز دور المؤسسات الخاصة في دعم الاقتصاد المحلي، منطلقة من خلال تطبيق سياسة تهدف إلى خصخصة قطاعات متعددة من الأجهزة والمؤسسات الحكومية لتحقيق مكاسب كبيرة تنطلق من القضاء على البيروقراطية، وتسهيل إجراءات اتخاذ القرارات، وربطها بالعائد الاقتصادي كمؤشر على نجاح الأعمال، يُبنى على مشاركة واسعة من قبل مختلف طبقات المجتمع الممثلة لخريطة الملاك المستقبلية، ومستخدمة في ذلك إجراءات واضحة وشفافة تعتمد على ممارسات الإدارة الرشيدة "حوكمة الشركات" للقضاء على أية محددات قد تشكل خطرا يؤخر أو يؤثر بالسلب في أداء هذه المؤسسات.
إحدى أهم عقبات الاستثمار في المملكة ـــ في وقت سابق ـــ تمثلت في الاستثمار الفردي والاستثمار المبني على مؤسسات وشركات محدودة الملكية (وقد تحدثت عن هذه العقبة كثيرا في هذه الزاوية)، وعلى النقيض من ذلك يقوم الاستثمار المؤسسي Institutional Investment على تخطي كثير من عقبات الاستثمار الفردي أو العائلي، ليكون أداة تنمو باستمرار وديمومة لتحقيق مكاسب ومصالح تخدم جميع الأطراف ذات العلاقةAll Stakeholder groups. نوعية الاستثمار هذه أو الشكل القانوني لها سيساعد على زيادة الشفافية، وتحسين الإفصاح للقضاء على فرص الفساد، ويعزز ذلك تطبيق مبادئ عادلة ومتزنة تُبنى على مبادئ ومفاهيم الحوكمة التي تحقق مكاسب جميع الأطراف.
كخطوة مبدئية تعتمد على الاستثمار المؤسسي، وتحويل كثير من القطاعات الحكومية لقطاعات استثمارية خاصة، أرى أن هذا مؤشر جيد لتحقيق مكتسبات قادمة تعزز مكانة ومستقبل المملكة في القرن الحالي، لتحقق أهدافا كبيرة رسمت بدقة، ونأمل أن يكون التنفيذ مواكبا لذلك.