العرب 24 مدير
عدد المساهمات : 856 تاريخ التسجيل : 16/01/2012
| موضوع: كيف تعتذر من النبي صلى الله عليه وسلم الإثنين يناير 23, 2012 10:30 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
منتدى شباب المهير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عذرًا رسولَ الله !
ويكثر اللغط آتيًا من كل الأصقاع من المسلمين المرة تلو المرة حين (يحاول البعض مسّ جناب) سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وما تلبث تلك الأصواتُ أن تلين حتى تغفو وتستكين، ويُتفرغ لصياحٍ من نوع آخر ما يتخلى عنه حتى حين ذاك اللغط.. سباب وشتم وتقريع للغير... وتناوش بين الأشقاء في الدين وفي الأرومة أو حتى تناحر وتصارع واقتتال...
مسلسل إهانات لديننا من الغرب، حلقات متواترة توهن منا القوى، ونحن الواهنون الضعفاء أصلا، ما فعلنا سوى أن صرخنا منددين شاجبين حتى بحت منا الحناجر المرات الأُوَل، ثم ما عادت حتى الأصوات ترغب الآن في الارتفاع كما سبق، إذ هي شذرات همهمة مرشحة للخفوت مع مرور الوقت وتطبيع الإهانة بتناسل الحلقات...
ويبدو أنهم درسونا، وفهموا خبايانا، واستبطنوا دواخلنا كالعادة، وفهموا أن تلكم الأصوات ما هي إلا نبرات مزيفة، لا تعكس حبًّا للمُهان ولا غضبة له، بل هي مزيفة مشحونة بالنفاق، أو حتى في أحسن الحالات بالازدواجية وبسوء الفهم وبالضبابية حتى النخاع.
أدركوا حقيقة إيماننا بدين الحق، فتطاولوا مستهترين بذلك الضجيج وتلك الجعجعة المنبثقَيْن عنا، تمادوا وأصروا.. فتنادينا متصايحين، رمنا التصدي للتمادي منهم... فأوجدنا لهم المهزلة والمسخرة يتلهون بها كلما بدا لهم الجو كئيبا، وأرادوا النحو إلى التفكه والترويح عن النفس...
هي الحقيقة ساطعة -كما فهموا- أن العواطف كاذبة في الأغلب، تلك التي تُطلق منا الحناجر غضبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذا فهي المنتجة لصوت كاذب عرفوا كنهه، فما يفتأ أن يندثر، وصدى المهانة لم يزل ولم يَنقَضِِ بعد ولم تختف آثاره.
يجاهرون بازدراء الرسول الأكرم متجاهلين رد الفعل السخيف منا، و ما يفعلون إلا وهم المستيقنون بأنهم ما ينتقصون إلا من قدر رجل يستحق الازدراء -وحاشاه- لأنه في نظرهم ذاك الذي بعث إلى بدو همج فما غَيَّر من حالهم شيئًا، كانوا كذلك في سابق عهدهم ولا يزالون؛ تخلف وتفاهة وسوء في الحال وفي المآل...
وأعتقد أنه لا بد من التوقف عند هذه النقطة بالذات والتفكر حولها، فهل كنا نحن سنحترم هذا النبي الخاتم -صلوات الله وسلامه عليه- لو كنا غير المسلمين، وكنا نرى ونعايش ما ينبثق من المسلمين من سلوكيات وما يرتكبونه من مهاترات وانحرافات؟؟؟
تمطرهم وسائل الإعلام بصور التردي منا بادية، وبالكلمات عنا مجلجلة معبرة عن كل شين من الأفعال والأقوال...
فهل هناك ما يدفعهم إلى احترامنا ويدعوهم إلى نبذ احتقارنا، وكذا كل الرموز الدالة علينا والمتعلقة بنا؟
يعاينون أحوالنا في بلداننا حين زيارتها، ويطلعون على أحوال من استوطن بلادهم من بني جلدتنا، فما يرون إلا قمة البعد عن الحضارة وعن آثارها.
فما من تصرفات تُرضى وما من مظاهر عيش تقر بها العين.
حتى النظافة التي حث عليها النبي الأكرم -صلى الله عليه وسلم- سواء في الجسد أو في اللباس أو في البيوت أو في الطرقات -إذ جعل إماطة الأذى صدقة، ومن شعب الإيمان- ما لنا من حظ فيها، إذ نكتفي في هذا المجال بإبداء الإعجاب حين نرى فضاءاتهم النظيفة ومدنهم الجميلة الرائعة.
وفي موسم الحج -ذلك المؤتمر الإسلامي الذي يجتمع فيه ملايين المسلمين من كل فج عميق- تبدو الحاجة ماسة إلى مجرد استيعاب مفهوم النظافة بله تجاوز ذلك إلى تطبيق مبادئها.
هو الجهل العميق بالوشائج التي تربط بين الوضوء والغسل ونظافة الثوب وطهارة المكان في الصلاة، وبين نظافة البيئة وإلزامية الاحتفاظ بالقمامة ورميها في الأماكن المخصصة لها، فحتى في أطهر البقاع (بساحات المسجد الحرام والمسجد النبوي) تُرى أكوام الزبالة وفضلات الطعام ملقاة متناثرة هنا وهناك.
ولقد فكرت مليًّا وعميقا مرات وأنا في منى، وتحيط بي تلال القاذورات والزخم من الروائح الكريهة؛ حول شعور المعتنقين حديثا للإسلام من الأوربيين الذين يأتون لأداء فريضة الحج.
إن الخاتم صلى الله عليه وسلم، ذاك الذي هو أكرم من أن نتصدى -ونحن المنحرفون عن الصراط المستقيم- للدفاع الغوغائي عنه.
فلقد نصره الله وأيده، واعتلى به محبوه وناصروه حقيقة آنذاك في زمن سابق، وارتقوا باتباعه في سماء الرفعة، فما كان يستطيع أحد ممن عاصرهم من سائر الأمم أن يدوس لهم كرامة ولا أن يطأطئ لهم جباها.
لكن نحن... هل نصرناه؟ وهل كرمناه ومجدناه؟
أو هي الجعجعة حول حب له ولا دليل ولا برهان؟
تعالينا على الاقتداء به، نبذنا ما جاءنا به من مكارم الأخلاق ومن نبل المعاملات، ورُمنا الاعتداد بأنفسنا وبأهوائنا فهوينا في قعر التردي الآسن السحيق...
ثم نتجرأ ونواجه الغرب لنحدثهم عن مناقبه صلى الله عليه وسلم، وعن صفاته وعن سمو شخصه ونحن الضعاف أخلاقا والغارقون في أتون الضياع وحمأة التيه وغور الضلال...
قتال وصراع وتخلف وعهر وفساد... وانحرافات شتى، التهبت منها النيران، فأتت على الأخضر واليابس حوالينا، ونتبجح بأننا ننتسب إلى الملة التي بشر بشرائعها الرحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، أفلا يكون ظاهرنا حين نفعل هذا أنه المستحق -وحاشاه- للاحتقار وللامتهان؟؟؟
إذ المُتّبِع على شاكلة المُتبَع منطقًا، والمُقتدِي على هيئة المُقتدَى به عقلا...
ولذا فحين السب والشتم والتحقير لنا ولنبينا، مِمَّ الشكوى؟ ولماذا الضجة؟
أما لنا وصف الحثالة، ونوحي بتدني ووضاعة المرسل إلينا حاشاه؟
وأما علينا وَسْمُ الإمعات، ونبدي عدم نجاعة -وحتى تفاهة- ما لدينا من شرائع جاءت بها رسالة سيد الأنبياء؟؟؟
والغربيون رأوا -لهيمنة لهم ولسمو طالهم- أنهم من يملكون أن يُسطروا بنود قوانين التعامل بيننا وبينهم، يرون أنفسهم المتحضرين ولهم أن يستخفوا بالمتخلفين الماجنين المتهتكين المتردين كمثلنا، من لا يعرفون لهم وجهة ولا رسم هوية ينتحلونها تعينهم على النأي بأنفسهم من الذوبان أذلاء تابعين...
هم الأحرار -كما قرروا- في أن يفعلوا ويقولوا ما يريدون، لهم الغلبة استحقوها بالاعتداد بهويتهم وبالعمل الدؤوب من أجل الرقي بمجتمعاتهم، ومن ثم لهم الحق في أن يملوا ويأمروا ويتصرفوا كيفما يشاءون، وعلينا أن نسمع وأن نطيع ونستكين.
إذ وهم سادة العالم المستكبرون أو هنالك من يملك أن يمنعهم؟؟؟؟
ثم هل صدقنا أن هنالك من إنسانية ومن أممية ومن توجهات أيديولوجية شتى يمكن أن تقف بينهم وبين الاستعلاء علينا ومن احتقارنا؟
وهل طمعنا في تفعيل تطبيق شرائع دولية يمكن أن يُحتكم إليها وتنصفنا حين يساء من طرفهم إلينا؟؟؟
سذج نحن وضعاف الفكر، إذ هي شريعة الغاب ما يطبقه الغالب تجاه المخالف في الفكر والعقيدة المغلوب...
فلابد من الإقرار إذا بأننا نحن الذين تسببنا في الإساءة إلى رسول الله حين وضعنا أنفسنا في مؤخرة الركب تائهين، أسأنا إليه أكثر منهم، إذ جعلنا منه من يستحق اللمز واللمز في ذاته وفي سيرته، فما هو بالنسبة للمسيئين إلا رسول من يستحقون الإساءة للدرجة السفلى وضعوا أنفسهم فيها بين الأمم.
ثم لابد لنا أن نعلم ونستيقن من أن الخطابة حول مناقبه -صلى الله عليه وسلم- ومزايا الدين الذي بشر به أوان الغضب -بفعل صفعات الإساءة تُتلقى- لا تجعلنا نبدو إلا كالببغاوات ننطق بما لا نفهم، إذ السؤال المنطقي الذي لا بد أن يطرحه تبعًا لذلك الغربيون هو: لماذا لا نتناول من ذلك الترياق الشافي الذي وُرِّثناه ولو جرعات يسيرة تبعدنا حتى عن قمة التخلف وأوج الهوان؟!!
نحدثهم عن كون الرسول هو الرحمة للعالمين، ثم لا نُرى نرحم حتى إخواننا في الدين، ونقتلهم من أجل اختلاف في الفكر وفي المذهب، ونكلمهم حول التسامح ونرجم بعضنا بعضا بسبب الحدود الجغرافية واختلاف الرأي إنْ بالكلام الجارح أو حتى بالسلاح.
فكيف نُصدَّق؟ وكيف لهم أن يقتنعوا أنه الرحمة صلى الله عليه وسلم؟
فبالنسبة لهم -ونحن المدعون للانتساب إلى دين بشر به لا يمكن -حاشاه- أن يكون إلا سفاك دماء أو مؤجج فتن...
فالأولى إذًا من ممارسة الصياح كل مرة أن نعود إلى الجادة، وأن نكف عن الإعراض عن الاقتداء بسيد الخلق وعن اتباع منهجه، وأن نستقري أسباب التخلف في واقعنا، وأن نصوب مسارنا وفق منهج الحق بالسير على ما كان عليه ذلك الذي نغضب حين الإساءة إليه، وأن نتصالح مع هديه صلى الله عليه وسلم.
فمهما فعلنا بصدق فستتحسن أحوالنا، وحتى لو حاول بعض الغرب حينذاك الإساءة إلينا بفعل التدافع العقدي، فلن نعدم منهم من يعترف لنا بعدم استحقاق المهانة، إذ العقل والمنطق لابد أن يظهرا في بعض الآراء منهم، وسيدفعان بهم إلى إصدار الحكم النزيه علينا وعلى رسولنا الأكرم، إذ لا يمكن لدى خير أمة أخرجت للناس إلا أن تثير الانتباه، وتستدعي الإعجاب، بل وحتى تُرغِّب في الاقتداء والاتباع، وذلك كما كان الأمر آنذاك حين وقر حب الرسول بحق في نفوس المسلمين، ثم تحول إلى أعمال وأفعال رفعتهم عاليا، وتبوأوا بها المكانة المميزة بين الأمم.
دمتم برعاية الرحمن وحفظه
شبكة الالوكة | |
|