على خلفية الأحداث المتسارعة والمتفاقمة في جميع أنحاء مصر، وبعد
الخبرات التي تراكمت على مدى عامين كاملين، ورغم الدعم الأمريكي – القطري
والأورو أطلسي للإخوان المسلمين في مصر وكافة تيارات اليمين الديني المتطرف
في المنطقة.. بعد كل ذلك بدأ المصريون يطرحون تساؤلات من قبيل: هل فقد
الرئيس شرعيته؟ هل يمكن تخليص مصر والمنطقة من قبضة التيارات الرجعية
واليمينية الدينية المتطرفة؟ هل يمكن إحباط السيناريو الأمريكي - الأورو
أطلسي لتقزيم دول وإعطاء دول صغيرة حجما أكبر منها ومن إمكانياتها؟
بعد
قرار الولايات المتحدة وبريطانيا إغلاق سفارتيهما في القاهرة يوم الأحد 27
يناير 2013، انضمت إليهما في اليوم التالي أيضا سفارتا كندا وبلجيكا. فيما
أعلنت كاثرين أشتون أنه على جميع الأطراف في مصر الجلوس معا من أجل
الحوار. ولم تصدر أي ردود أفعال دولية بشأن الأحداث المتفاقمة في مصر إلا
بعض عبارات دبلوماسية عابرة تعطي صورة مزيفة عن حقيقة ما يجري في محافظات
مصر الـ 27، وعزل مدن القناة الثلاث (السويس وبور سعيد والاسماعيلية) عن
بقية محافظات مصر بفرض قانون الطوارئ وحظر التجول، وهو الأمر الذي فاقم
الأمور وساهم في تردي الأوضاع وأطلق يد القوات الأمنية ووزارة الداخلية
والجيس لضرب المتظاهرين وإيقاع المزيد من القتلى والجرحى. بينما رفض سكان
المحافظات المعزولة قرارات الرئيس وأعلنوا استمرارهم في مواجحهة حكم
الإخوان المسلمين.
المثير أن ظهور الرئيس مرسي ورئيس
حكومته هشام قنديل في المشهدين السياسي والميداني في مصر تزامن مع تفاقم
الأحداث ووصول وفد عسكري - أمني أمريكي إلى القاهرة، يضم في صفوفه خبراء
ومسؤوليين رسميين أمريكيين في مجال مكافحة الإرهاب. ما استوجب المخاوف من
أن يتم تصوير تصرفات الجهات الأمنية المصرية ضد المتظاهرين على أنه "شكل من
أشكال مكافحة الشغب أو الإرهاب". بل ويمكن ربط تصعيد عمليات قمع
المتظاهرين بوصول الوفد الأمريكي.
وفي الوقت الذي
أعلنت فيه مجموعات "بلاك بلوك" أن رسالة الرئيس مرسي قد وصلت إلى المصريين
عبر كلمته مساء الأحد 27 يناير، فعليه أن ينتظر الرد عند قصر الاتحادية حيث
مقر عمل الرئيس، رفضت جبهة الإنقاذ الحوار الذي دعا إليه مرسي في كلمته
مساء الأحد وأعلنت مسؤولية الرئيس المباشرة عن أحداث العنف في البلاد،
وهددت بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. غير أن تيارات وقوى سياسية علمانية
ومدنية ويسارية ووطنية رأت أن موقف جبهة الإنقاذ غير كاف، وعليها أن تتخذ
مواقف أكثر تشددا وترفع سقف المطالب إلى عزل الرئيس وإنهاء حكم مكتب
الإرشاد والإخوان المسلمين في مصر.
وفي الشأن
الميداني، وحتى كتابة هذه السطور، تتواصل الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات
الأمن والجيش في جميع مدن مصر، بما في ذلك في مدن القناة التي عزلها الرئيس
مرسي بقرااته المفاجئة، بينما أكدت مصادر عسكرية أنه تم تفعيل قوانين
الضبطية القضائية في مدن القناة الثلاث والتي تمنح الجيش صلاحيات أمنية
وجنائية وقضئية.
وفيما أعلنت جبهة الإنقاذ أنها
ستعتصم يوم 28 يناير 2013 أمام مجلس الشورى فى ذكرى "جمعة الغضب" حتى إسقاط
حكم "الإخوان" وأكدت أن الرئيس مرسى فقد شرعيته بالكامل، خرجت في نفس
اليوم مسيرات من السيدة زينب وأحياء ومناطق قاهرية أخرى لإحياء هذه الذكرى
ودعم أهالي مدن القناة ومواصلة الثورة ضد حكم الإخوان. وتجددت الاشتباكات
بالإسكندرية حيث قام المتظاهرون برشق المجلس الشعبي بالحجارة وتعطيل ترام
محطة الرمل وتنظيم مسيرة لإسقاط المحافظ. ووقعت اشتباكات بالأسلحة النارية
بين ملثمين وقوات الجيش والشرطة أمام سجن السويس المركزي أصيب فيها مجند و3
مساجين.
وفي القاهرة استمرت الاشتباك حتى طلوع نهار
28 يناير وأشعل متظاهرون النار وسط مترو التحرير لتفادى تأثير الغاز المسيل
للدموع وأصيب الركاب بحالات اختناق. كما انصرف موظفو مجمع التحرير القائم
بالميدان هربا من الغاز المسيل للدموع الذي انتشر بكثافة في المنطقة. وبعد
غياب كامل لأربعة أيام عن المشهدين السياسي والميداني، قام رئيس الحكومة
المصريةهشام قنديل بتفقد ميدان التحرير فجرً الاثنين 28 يناير وطالب برفع
الغطاء السياسي عمن وصفهم بالمخربين.