(¯`·.¸(¯`·.¸( ازمات البورصات )¸.·´¯)¸.·´¯)

قبل التطرق لأبرز الأزمات التي مست عالم أسوق المال فإنه لا بد من الإشارة إلى أن هبوط المؤشرات البورصية قد لا يرجع في المقام الأول لهبوط أسعار الأوراق المالية و لكن للعديد من المتغيرات أهمها:

- المتغيرات الاقتصادية :الناتجة من اختلال الميزان التجاري و زيادة عجز الموازنة و زيادة عبء الدين الخارجي على الدولة.

- المتغيرات السياسية : وتنشأ من عدم الاستقرار السياسي، تدهور العلاقات مع الدول الشريكة، النزاعات الداخلية الحروب...

- المتغيرات المالية :ارتفاع الفائدة على الودائع في البنوك وانهيار قيمة العملة الوطنية وزيادة عبء الدين الداخلي، انهيار قدرة المواطنين على الادخار و الاستثمار، تزايد معدلات التضخم و الأسعار ...

- المتغيرات النفسية السلوكية : و التي يترتب عليها تصرفات غير مسئولة لدى المستثمرين والتي غالبا ما تنشأ من خلال الشائعات وعدم توفر البيانات الموضوعية عن الشركات .

- المتغيرات الفنية :التي تجعل الأسعار ترتفع عن القيمة الحقيقية و التي عادة ما تنشأ من خلال عمليات المضاربة و كذلك سرعة تأثر البورصات ببعضها البعض نتيجة لتقدم وسائل الاتصال إلى جانب التلاعب ببرامج الحاسب الآلي أو الخطأ في تشغيلها بأوامر بيع أو شراء غير حقيقية

1) أزمة أكتوبر 1929 : اتسمت أسعار الأوراق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية بالارتفاع المستمر منذ 1924 حيث تواصل هذا الارتفاع على مدى 5 سنوات إلى أن وصلت الأسعار إلى أعلى مستوياتها في 24 أكتوبر 1929 أين كان مؤشر الداوجونز مرتفعا بصفة كبيرة لم يسبق لها مثيل حيث انتقل المؤشر من 110 نقطة إلى 300 نقطة بنسبة مقدارها 273 بالمائة وبعد هذا التاريخ دب الهلع فبدأ المؤشر بالانحسار و أصبح 26 مليون سهما قيد التبادل و أصيبت أسعار 50 نوعا من الأسهم التي تحتل المراكز الأولى بهبوط شديد وصل إلى 40 نقطة كل يوم

وعموما اتسمت هذه الأزمة بالخصائص التالية:

تسببت أزمة 1929 في زعزعة الاستقرار النسبي للنظام الرأسمالي بالجملة
استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة نسبيا حيث استغرقت ما يقارب 4 سنوات تقريبا
الانخفاض الكبير لمستويات أسعار الفائدة حيث انخفض هذا المعدل من 5.2 بالمائة إلى 2.6 بالمائة في البنك الاحتياطي الفدرالي reserve federal bank
كانت لها صفة الدورية حيث كان لها ارتباط وثيق بالأزمات الدورية التي كان يمر بها النظام الرأسمالي
امتازت بالعمق و الشدة حيث انخفضت الودائع البنكية بحوالي 33 بالمائة و هذا كان نتيجة لإفلاس العديد من المؤسسات المالية وهو ما أدى إلى ضياع الكثير من مدخرات الأفراد-كما ساهمت هذه الأزمة في انخفاض أو انهيار أسعار الأوراق المالية بحوالي 90 بالمائة في وول ستريت –كما ترافقت الأزمة بتقلبات حادة في أسعار صرف العملات مما نتج عنه انهيار قاعدة الذهب حيث كان في-أي انهيار القاعدة- و.م.ا نتيجة لتزايد الإقبال على استبدال الدولارات بالذهب

2) أزمة 1987: مثل سابقتها انطلقت هذه الأزمة من وول ستريت في يوم الاثنين 19 أكتوبر عام 1987، و يمكن تقسيم هذه الأزمة إلى عدة مراحل:

- المرحلة 1:امتدت من يناير 1987 إلى 25 أوت 1987 حيث تخطى مؤشر الداوجونز الصناعي 2000 نقطة و استمر هذا الارتفاع ليصل إلى 2700 نقطة في النصف الثاني من عام 1987 وبعدها انخفض المؤشر حيث فقد 508 نقطة في يوم واحد فقط أي بنسبة 21.6 بالمائة من المستوى السابق .

- المرحلة 2: وهنا قررت هيئة الاحتياطي الفدرالي تعديل سعر الخصم من 5.6 بالمائة إلى 6 بالمائة لكي تصبح السندات الحكومية أكثر جاذبية كما زاد سعر الفائدة ليصبح 9.25 بالمائة مما زاد من أعباء الشركات الأمريكية وواكب ذلك ما يلي:

اضطراب الدولار الأمريكي
إعلان تقرير العجز في الميزان التجاري (كان هذا نتيجة المنافسة الأجنبية الحادة وارتفاع سعر صرف الدولار)
تفاقم النزاع العسكري الإيراني-العراقي
تعبئة معنويات المستثمرين و تهيئتهم لسلوك سلبي . و أدت هذه العوامل إلى هبوط مؤشر الداوجونز في 16 أكتوبر إلى ما دون 2246 عند الإقفال .

وهنا يأتي الدور السلبي لعملية البيع بالأجل حيث يتم التعامل فيما بين بورصة نيويورك و بورصة شيكاغو للعقود الآجلة آليا للمشتركين في برنامج التأمين على المحافظ و الذي يمثل حوالي 60 بالمائة من التعاملات و التي تتم تلقائيا بواسطة الحاسب الآلي و ذلك بالبيع و الشراء الآجل على المكشوف كنوع من الاحتياط ضد تقلبات الأسعار و في يوم 19 أكتوبر أدى هلع المستثمرين و السماسرة إلى اتخاذ التعامل في البورصتين اتجاها واحدا نحو البيع مما أدى إلى انخفاض الأسعار.

أوجه التشابه بين أزمة 1929 و 1987 :

- وجود تطابق مذهل بين اتجاهات تغيرات مؤشر الداوجونز خلال الفترتين (1913-1929) و (1971-1987) أي 16 عاما قبل كل أزمة

- خلال الفترة (1913-1929) اتجه مؤشر الداوجونز نحو الارتفاع ابتداء من عام 1925 وخلال الفترة (1971-1987) اتجه هذا المؤشر نحو الارتفاع ابتداء من عام 1983 و بذلك فإن أسعار الأوراق المالية بدأت بالصعود قبل 4 سنوات من وقوع الأزمة في كل من الفترتين

- في 19 أكتوبر 1987 انخفض مؤشر الداوجونز بمقدار 508 نقطة أي بنسبة 21.62 بالمائة من مستواه 2247.0 نقطة بينما انخفض هذا المؤشر يوم 28 أكتوبر 1929 بمقدار 83.3 نقطة أي بنسبة 12.8 بالمائة من مستواه في ذلك اليوم و البالغ 260.6 نقطة

أوجه الاختلاف بين أزمة 29 و 87 :

- استمرت أزمة 1929 لمدة 4 سنوات تقريبا بينما كانت أزمة 1987 قصيرة جدا لم تتجاوز مدة بضعة أسابيع

- الاختلاف الكبير بين الدول التي شملتها الأزمة من حيث تاريخ بدأها و انتهائها حيث لم تبدأ أزمة 1929 في وقت واحد في جميع الدول بينما أزمة 1987 بدأت في وقت واحد

- أزمة 1929 شملت كل الجوانب للنشاط الاقتصادي خاصة الإنتاجي بينما 1987 انصبت بشكل رئيسي على الأسواق المالية ومنها انعكست على جوانب أخرى من العلاقات الاقتصادية

- الاختلافات الجذرية في الإجراءات التي اتبعت لمواجهة كل من الأزمتين .

3) أزمة سبتمبر 2001 : لقد كان وقع الأحداث التي عرفتها و.م.ا في يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 كبيرا على الاقتصاد العالمي وطالت آثار انفجارات واشنطن و نيويورك الأسواق المالية التي تجاوزت خسائرها في و.م.ا 4 مليار دولار و الأوربية 1 مليار دولار على الرغم من ضخ المصارف المركزية أكثر من 160 مليار دولار لتعزيز السيولة في الأسواق الدولية كما بلغت خسائر دول أمريكا اللاتينية أكثر من 50 مليار دولار و لقد تزامن هذا الحادث مع تراجع وتيرة النمو في الاقتصاد الأمريكي الذي سجل أعلى معدلات البطالة بـ 4.9 بالمائة في أوت من نفس السنة إلى جانب تراجع عائدات كبريات الشركات الأمريكية وكما سجل الدولار انخفاضا مقابل العملات الدولية مثل الاورو و الجنيه و الين الياباني بنسب تتراوح ما بين 5 إلى 10 بالمائة و سجلت أسعار النفط ارتفاعا قياسيا تجاوز سقف 30 دولار لتتراجع بعد ذلك، ورغم محاولة إدارة بوش تحفيز الأداء الاقتصادي من خلال تخفيض الضرائب على مدى 10 سنوات المقبلة لتنشيط الاستثمار الذي يكلف الخزينة 2000 مليار دولار، وقرارات مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي خفض سعر الخصم للمساعدة على تخفيض أسعار الفائدة على القروض رغم كل هذا إلا أن وتيرة الاقتصاد الأمريكي تراجعت بصورة محسوسة في ذات السنة أما بالنسبة لخسائر بورصة وول ستريت فقد بلغت 4 مليار دولار من جراء وقف العمل لمدة 4 أيام علما أن النشاط العادي لبورصة وول ستريت يبلغ 100 مليار دولار يوميا من حجم الأعمال و على الرغم من التمويل الذي قدمته المصارف المركزية إلا أن إعادة فتح أهم الأسواق المالية الأمريكية بينت هشاشة التوازنات المالية و الاقتصادية على خلفية تراجع أهم المؤشرات المالية لا سيما داوجونز الذي يسجل خسائر معتبرة فيما انهارت أسهم شركات التأمين وسط توقعات بأن قيمة التعويضات المطلوبة تتراوح ما بين 15 و 20 مليار دولار ولقد نصح المصرف المركزي بتقليص التعامل بالدولار لمنع المضاربات .

ولقد سجلت الأسواق المالية العالمية تراجعا كبيرا لم تشهده منذ عقود خلت حيث انهارت البورصات الأوروبية بنسب تتراوح بين 3 بالمائة في مدريد و 6.9 بالمائة في فرنكفورت